حتّى يتكامل الجزاء ، فمن كان صالحا يعود بعد موته في بدن يعيش عيشا مباركا ، ومن كان طالحا يعود بعد موته في بدن يعيش عيش سوء ، وهذا أمر واسع ، ولا يكون محدودا ، وإنّما يتكرّر بحسب ما يستحقّه ، وعليه فيجزى كلّ عامل بجزاء عمله ومعه لا تسوية ولا تقديم للفرقة الظالمة على الفرقة المظلومة.

لأنّا نقول : إنّ التناسخ ممّا قامت ضرورة الأديان على خلافه ، فلا مجال لاحتماله ، فهو مفروض العدم ، هذا مضافا إلى عدم إمكانه لوجوه كثيرة ، منها : ان النفس بخروج البدن السابق من القوة الى الفعلية ، قد خرجت من القوة إلى الفعلية ، فلو تعلقت بعد خروجها عن البدن السابق إلى بدن آخر ، لكانت النفس في مرتبة الفعلية ، والبدن الذي تعلقت به كالجنين مثلا في مرتبة القوة ، فيلزم عدم تكافؤهما في مرتبة القوة والفعلية (١).

ومنها : أنّ انتقال النفس المستنسخة إلى نطفة مستعدة ، لا يمنع فيضان النفس الابتدائية ، فيلزم اجتماع النفسين في بدن واحد ، وهو مستحيل لامتناع كون الشيء ذا ذاتين ، أعني ذا نفسين ، وما من شخص إلّا وهو يشعر بنفس واحدة له (٢).

ومنها : ما أشار إليه العلّامة الطباطبائي ـ قدس‌سره ـ في تفسيره حيث قال : «إنّ التناسخ وهو تعلّق النفس المستكملة بنوع كمالها بعد مفارقتها البدن ببدن آخر محال ، فإنّ هذا البدن إن كان ذا نفس استلزم التناسخ تعلق نفسين ببدن واحد ، وهو وحدة الكثير ، وكثرة الواحد ، وإن لم تكن ذا نفس استلزم رجوع ما بالفعل إلى القوة» (٣).

ويمكن إيضاح امتناع رجوع ما بالفعل إلى القوّة بما في المبدأ والمعاد ، من أنّ

__________________

(١) راجع در الفوائد : ج ٢ ص ٣٩٣ ـ ٣٩٤.

(٢) المبدأ والمعاد : ص ٢٣٨.

(٣) تفسير الميزان : ج ١ ص ٢١١.

۲۸۱۱