مصلحتها النفسية (١) ، التي هي ملاك استحبابها ورجحانها الذاتي ، لكنه بعنوان كونها داعية للمولى لو لا المانع ، فإنه نحو من الانقياد للمولى ، فيندرج تحت العنوان الحسن المضاف إلى المولى بذاته.
أو دعوى : أنّ المراد من رجحانها الذاتي حسنها الذاتي ، لا استحبابها الشرعي ، ولا نعني بحسنها الذاتي ملاءمتها للقوّة الباصرة أو الشامّة ، بل الحسن العقلي الذي يمدح عليه فاعله ، فإن النظافة ـ من منافيات (٢) الحضور في موقع التعبّد ـ أدب يمدح عليه العبد ، بل حيث إنّ العبد دائم الحضور بين يدي الله تعالى فالنظافة مطلقا من آداب العبودية ، وبهذا الاعتبار ورد أن « من أحدث ولم يتوضأ فقد جفاني » (٣) ، فإنّ ترك الأدب جفاء.
وعليه فالتطهّر للغايات الشرعية ، بل مطلقا حسن على نحو يرتبط بالمولى ، ويستحقّ من قبله الثواب ولو لم يكن الأمر داعيا.
__________________
(١) قولنا : ( إلاّ دعوى كفاية اتيانها ... إلخ ).
نعم من يقول : بأن الأمر الغيري غير مقرّب ـ وأن الإتيان بداعي الحسن الذاتي والمصلحة الذاتية لا يوجب العبادية وأن العبادية متقوّمة بالإتيان بداعي الأمر النفسي فقط ـ يشكل عليه الأمر ، ويمكن أن يقال ببقاء الاستحباب النفسي ، وعدم عروض الوجوب الغيري هنا ؛ إذ مع بقاء المقدّمة على استحبابها النفسي يلزم اجتماع المتضادّين ، وهو محال ، ومع عدم بقائها على استحبابها يلزم عدم تعلّق الوجوب المقدمي بالمقدّمة العبادية ، فيلزم من وجوده عدمه ، وهو محال ، فبقاء الاستحباب لا مانع منه لاستحالة المانع ، غاية الأمر أن العقل هو الملزم بإتيان المقدّمة بداعي استحبابها النفسي ، كما لا مناص عنه على القول بعدم وجوب المقدمة شرعا كلية. فتدبّره جيّدا. [ منه قدّس سرّه ]. ( ن ، ق ، ط ).
(٢) أي إزالة هذه المنافيات أدب ...
(٣) الوسائل : ١ / ٢٦٨ ، كتاب الوضوء ، باب ١١ في الوضوء لنوم الجنب وعقيب الحدث ، الحديث : ٢.