لا يوجب أن يكون نفس القيد والشرط ـ الذي هو حسب الفرض منشأ لانتزاع التقيّد ـ مقدّمة داخليّة ، بل هو مقدّمة خارجيّة ، فإنّ وجود الطهارة ـ مثلا ـ يوجب حصول تقيّد الصلاة بها ، فتكون مقدّمة خارجيّة للتقيّد الذي هو جزء حسب الفرض. وهذا يشبه المقدّمات الخارجيّة لنفس أجزاء المأمور بها الخارجيّة ، فكما أنّ مقدّمة الجزء ليست بجزء فكذلك مقدّمة التقيّد ليست جزءا.
والحاصل أنّه لمّا فرضتم في الشرط أنّ التقيّد داخل وهو جزء تحليليّ فقد فرضتم معه أنّ القيد خارج ، فكيف تفرضون مرّة أخرى أنّه داخل في المأمور به المتعلّق بالمقيّد؟!
٧. الشرط المتأخّر
لا شكّ في أنّ من الشروط الشرعيّة ما هو متقدّم في وجوده زمانا على المشروط ، كالوضوء والغسل بالنسبة إلى الصلاة ونحوها ، بناء على أنّ الشرط نفس الأفعال لا أثرها الباقي إلى حين الصلاة.
ومنها : ما هو مقارن للمشروط في وجوده زمانا ، كالاستقبال وطهارة اللباس للصلاة.
وإنّما وقع الشكّ في الشرط المتأخّر ، أي إنّه هل يمكن أن يكون الشرط الشرعيّ متأخّرا في وجوده زمانا عن المشروط أو لا يمكن؟
ومن قال بعدم إمكانه (١) قاس الشرط الشرعيّ على الشرط العقليّ ، فإنّ المقدّمة العقليّة يستحيل فيها أن تكون متأخّرة عن ذي المقدّمة ؛ لأنّه لا يوجد الشيء إلاّ بعد فرض وجود علّته التامّة المشتملة على كلّ ما له دخل في وجوده ؛ لاستحالة وجود المعلول بدون علّته التامّة. وإذا وجد الشيء فقد انتهى ، فأيّة حاجة له تبقى إلى ما سيوجد بعد.
ومنشأ هذا الشكّ والبحث ورود بعض الشروط الشرعيّة التي ظاهرها تأخّرها في الوجود عن المشروط ، وذلك مثل الغسل الليليّ للمستحاضة الكبرى الذي هو شرط ـ عند بعضهم (٢) ـ لصوم النهار السابق على الليل. ومن هذا الباب إجازة بيع الفضوليّ بناء
__________________
(١) نسبه المحقّق العراقيّ إلى الجمهور. راجع بدائع الأفكار ١ : ٣٢٠.
(٢) كالمحقّق في الشرائع ١ : ١٩٧ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٤٠٧.