مع أنّ في كون أخبار موافقة الكتاب أو مخالفة القوم من أخبار الباب نظرا.
وجهه قوّة احتمال أن يكون الخبر المخالف للكتاب في نفسه غير حجّة ، بشهادة ما ورد في أنّه زخرف وباطل وليس بشيء (١) ، أو أنّه لم نقله (٢) ، أو امر بطرحه على الجدار (٣). وكذا الخبر الموافق للقوم ، ضرورة أنّ أصالة عدم صدوره تقيّة ـ بملاحظة الخبر المخالف لهم مع الوثوق بصدوره لو لا القطع به ـ غير جارية ، للوثوق حينئذ بصدوره كذلك (٤). وكذا الصدور أو الظهور في الخبر المخالف للكتاب يكون موهونا بحيث لا يعمّه أدلّة اعتبار السند ، ولا الظهور ، كما لا يخفى. فتكون هذه الأخبار في مقام تمييز (٥) الحجّة عن اللاحجّة ، لا ترجيح الحجّة على الحجّة ، فافهم (٦).
__________________
ـ على الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة فقط ، وبعضها ـ كخبر عبد الرحمن ـ على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامّة ، وبعضها ـ كخبر الحسن بن الجهم ـ على الترجيح بمخالفة العامّة فقط.
(١) راجع وسائل الشيعة ١٨ : ٧٨ ـ ٧٩ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٢ و ١٤ ؛ والمحاسن (للبرقي) ١ : ٢٢١ ، الحديث ١٢٨ و ١٢٩.
(٢) راجع وسائل الشيعة ١٨ : ٧٩ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٥ ، والمحاسن (للبرقي) ١ : ٢٢١ ، الحديث ١٣١.
(٣) لم أعثر على رواية تدلّ على الأمر بطرحه على الجدار. نعم ، ظاهر كلمات بعض الأجلّة وجود الخبر بهذا المضمون. راجع تفسير التبيان ١ : ٥ ، مجمع البيان ١ : ٨١.
(٤) أي : بصدور الخبر الموافق تقيّة ، فإنّ الوثوق بصدور الخبر المخالف للقوم يوجب الوثوق بأنّ الخبر الموافق لهم إمّا غير صادر أو صدر تقيّة.
(٥) وفي بعض النسخ : «تميّز» ، والصحيح ما أثبتناه.
(٦) لعلّه إشارة إلى ما أفاد السيّد المحقّق الخوئيّ في إثبات كون هذه الأخبار في مقام ترجيح الحجّة على الحجّة. وحاصل ما أفاده : أنّ الأخبار الآمرة بعرض الأخبار على الكتاب والسنّة طائفتان :
إحداهما : الأخبار الدالّة على أنّ مخالف الكتاب زخرف أو باطل. ولا شكّ أنّ هذه الأخبار تدلّ على عدم حجّيّة ما كان مخالفا للكتاب أو السنّة.
ثانيتهما : الأخبار الواردة في مقام ترجيح أحد الخبرين المتعارضين على الآخر ، ـ