ثانيا : بأنّ الخبر غير ظاهر في فرض التعارض ، بل ربّما يكون واردا لبيان حجّيّة الحديث الذي يرويه الثقات من الأصحاب. ومعنى «موسّع عليك» الرخصة بالأخذ به ؛ كناية عن حجّيّته ، غاية الأمر أنّه يدلّ على أنّ الرخصة مغيّاة برؤية الإمام ليأخذ منه الحكم على سبيل اليقين. وهذا أمر لا بدّ منه في كلّ حجّة ظنّيّة ، وإن كانت عامّة حتى لزمان حضور الإمام إلاّ أنّه مع حصول اليقين بمشافهته لا بدّ أن ينتهي أمد جواز العمل بها.
وعليه ، فلا شاهد بهذا الخبر على ما نحن فيه.
٣. مكاتبة عبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن عليهالسلام : اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم : أن صلّهما في المحمل ، وروى بعضهم : أن لا تصلّهما إلاّ على الأرض ، فاعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك في ذلك؟. فوقّع عليهالسلام : «موسّع عليك بأيّة عملت». (١)
وهذه أيضا استظهروا منها التخيير مطلقا ، وتحمل على المقيّدات كالثانية.
ولكن يمكن الناقشة في هذا الاستظهار بأنّه من المحتمل أن يراد من التوقيع بيان التخيير في العمل بكلّ من المرويّين باعتبار أنّ الحكم الواقعيّ هو جواز صلاة ركعتي الفجر في السفر في المحمل وعلى الأرض معا ، لا أنّ المراد التخيير بين الروايتين ، فيكون الغرض تخطئة الروايتين.
وهو احتمال قريب جدّا ، لا سيّما أنّ السؤال لم يكن عن كيفيّة العمل بالمتعارضين ، بل السؤال عن كيفيّة عمل الإمام ليقتدي به ـ أي إنّه سؤال عن حكم صلاة ركعتي الفجر ، لا عن حكم المتعارضين ـ ، والجواب ينبغي أن يطابق السؤال ، فكيف صحّ أن يحمل على بيان كيفيّة العمل بالمتعارضين؟! وعليه ، فلا يكون في هذا الخبر أيضا شاهد على ما نحن فيه كالخبر الثاني.
٤. جواب مكاتبة الحميري إلى الحجّة ـ عجّل الله فرجه ـ : «في ذلك حديثان : أمّا أحدهما : فإنّه إذا انتقل من حالة إلى أخرى فعليه التكبير. وأمّا [الحديث] الآخر : فإنّه روي
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٣ : ٢٥١ ح ٥٨٣.