في فرض حصوله ، بينما أنّ اليقين بالبراءة إنّما المطلوب تحصيله ، وهو غير حاصل ، فكيف يصحّ حمل هذه الجملة على الأمر بتحصيله؟! فلا بدّ أن يراد اليقين بشيء آخر غير البراءة.
وعليه ، فمن القريب جدّا أن يراد من اليقين اليقين بوقوع الثلاث وصحّتها ـ كما هو مفروض المسألة بقوله : «وقد أحرز الثلاث» ـ لا اليقين بعدم الإتيان بالرابعة ـ كما تصوّره هذا المستدلّ ، حتى يرد عليه ما أفاده الشيخ ـ ، وحينئذ فلو أراد المكلّف أن يعتدّ بشكّه فقد نقض اليقين بالشكّ ، واعتداده بشكّه بأحد أمور ثلاثة : إمّا بإبطال الصلاة وإعادتها رأسا ، وإمّا بالأخذ باحتمال نقصانها فيكمّلها برابعة ـ كما هو مذهب العامّة ـ ، وإمّا بالأخذ باحتمال كمالها ، بالبناء على الأكثر ، فيسلّم على المشكوكة من دون إتيان برابعة متّصلة ، وخلط أحدهما بالآخر.
ولأجل هذا عالج الإمام عليهالسلام صلاة هذا الشاكّ ؛ لأجل المحافظة على يقينه بالثلاث ، وعدم نقضه بالشكّ ، وذلك بأن أمره بالقيام وإضافة ركعة أخرى ، ولا بدّ أنّها مفصولة ، ويفهم كونها مفصولة من صدر الرواية «يركع بركعتين ... وهو قائم بفاتحة الكتاب» ؛ فإنّ أسلوب العلاج لا بدّ أن يكون واحدا في الفرضين ؛ مضافا إلى أنّ ذلك يفهم من تأكيد الإمام بأن لا يدخل الشكّ في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر ؛ لأنّه بإضافة ركعة متّصلة يقع الخلط ، وإدخال الشكّ في اليقين.
وعليه ، فتكون الرواية دالّة على قاعدة الاستصحاب من جهة ، ولكنّ المقصود فيها استصحاب وقوع الثلاث صحيحة ، كما أنّها تكون دالّة على علاج حالة الشكّ الذي لا يجوز نقض اليقين به من جهة أخرى ، وذلك بأمره بالقيام وإضافة ركعة منفصلة لتحصيل اليقين بصحّة الصلاة ؛ لأنّها إن كانت ثلاثا فقد جاء بالرابعة ، وإن كانت أربعا تكون الركعة المنفصلة نفلا.
ومنه يعلم أنّ المراد من «اليقين» في الفقرتين : الرابعة ، والخامسة «ولكن ينقض الشكّ باليقين ، ويتمّ على اليقين ويبني عليه» غير «اليقين» في الفقرات الأولى ، فإنّ المراد به هناك اليقين بوقوع الثلاث صحيحة ، والمراد به في هاتين الفقرتين اليقين بالبراءة ؛ لأنّه بإتيان ركعة منفصلة يحصل له اليقين ببراءة الذمّة ، فيكون ذلك نقضا للشكّ باليقين الحادث