الحمل على الفعل مطلقا ، وصدور الفعل من الفاعل أحيانا لا لداعي التكليف لا يمكن أن يكون غرضا للتكليف.

الدليل العقلي المذكور ليس من أدلّة البراءة

واعلم : أنّ هذا الدليل العقليّ ـ كبعض ما تقدّم من الأدلّة النقليّة ـ معلّق على عدم تماميّة أدلّة الاحتياط ؛ فلا يثبت به إلاّ الأصل في مسألة البراءة ، ولا يعدّ من أدلّتها بحيث يعارض أخبار الاحتياط.

الاستدلال على البراءة بوجوهٍ غير ناهضة

وقد يستدل على البراءة بوجوه غير ناهضة :

منها : استصحاب البراءة المتيقّنة حال الصغر أو الجنون (١).

١ ـ استصحاب البراءة المتيقّنة

وفيه : أنّ الاستدلال مبنيّ على اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ ، فيدخل أصل البراءة بذلك في الأمارات الدالّة على الحكم الواقعيّ ، دون الاصول المثبتة للأحكام الظاهريّة. وسيجيء عدم اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ (٢) إن شاء الله.

وأمّا لو قلنا باعتباره من باب الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشكّ ، فلا ينفع في المقام ؛ لأنّ الثابت بها ترتّب اللوازم المجعولة الشرعية على المستصحب ، والمستصحب هنا ليس إلاّ براءة الذمّة من التكليف وعدم المنع من الفعل وعدم استحقاق العقاب عليه ، والمطلوب في الآن اللاحق هو القطع بعدم ترتّب العقاب على الفعل أو ما يستلزم ذلك ـ إذ لو لم يقطع بالعدم واحتمل العقاب (٣) احتاج إلى انضمام حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان إليه حتّى يأمن العقل من العقاب ،

__________________

(١) استدل بهذا الوجه صاحب الفصول في الفصول : ٣٥٢.

(٢) انظر مبحث الاستصحاب ٣ : ١٣ و ٨٧.

(٣) في (ظ) بدل «العقاب» : «الاستحقاق».

۵۰۴۱