والاستفادة منه ، فلا فرق بين ما لم يكن في الواقع دليل شاف (١) أصلا ، أو كان ولم يتمكّن المكلّف من الوصول إليه ، أو تمكّن لكن بمشقّة رافعة للتكليف ، أو تيسّر ولم يتمّ دلالته في نظر المستدلّ ؛ فإنّ الحكم الفعليّ في جميع هذه الصور قبيح على ما صرّح به المحقّق قدس‌سره في كلامه السابق (٢) ، سواء قلنا بأنّ وراء الحكم الفعليّ حكما آخر ـ يسمّى حكما واقعيّا و (٣) حكما شأنيّا ـ على ما هو مقتضى مذهب المخطّئة ، أم قلنا بأنّه ليس وراءه حكم آخر ؛ للاتّفاق على أنّ مناط الثواب والعقاب ومدار التكليف هو الحكم الفعليّ.

وحينئذ : فكلّ ما تتبّع المستنبط في الأدلّة الشرعيّة في نظره إلى أن علم من نفسه عدم تكليفه بأزيد من هذا المقدار من التتبّع ، ولم يجد فيها ما يدلّ على حكم مخالف للأصل ، صحّ له دعوى القطع بانتفاء الحكم الفعليّ.

ولا فرق في ذلك بين العامّ (٤) البلوى وغيره ، ولا بين العامّة والخاصّة ، ولا بين المخطّئة والمصوّبة ، ولا بين المجتهدين والأخباريّين ، ولا بين أحكام الشرع وغيرها من أحكام سائر الشرائع وسائر الموالي بالنسبة إلى عبيدهم.

هذا بالنسبة إلى الحكم الفعليّ ، وأمّا بالنسبة إلى الحكم الواقعيّ

__________________

(١) في (ر) و (ظ): «شأنيّ».

(٢) في الصفحة ٩٤.

(٣) في (ت) و (ه): «أو».

(٤) في (ظ): «عامّ».

۵۰۴۱